ابنتي عصبية جدا.. ابنتي عنيدة.. لاتسمع كلامي.. كلما نهيتها عن فعل شيء مكروه تكرره.. شقية جدا لدرجة انها تسبب لي الإحراج مع الجيران.. تلك نماذج من شكاوى عديدة نسمعها تتكرر باستمرار على ألسنة أولياء الأمور، مما قد يجعلهم يفقدون السيطرة على أعصابهم، وربما ينهالون علي أبنائهم بالضرب، الأمر الذي يسبب الأذى النفسي والبدني للأبناء، فيحطم علاقة الود والمحبة التي تكون بينهم، ليفضلوا الإنعزال والتقوقع على أنفسهم، مما قد يوقعهم في الخطأ، ويصبحوا شخصيات عدوانية.
ولكن هل سألت نفسك عن سبب تصرفات أبنائك؟ وهل لك دور أساس فيما هم عليه الآن من سلوكيات خاطئة؟
[] كثرة الضغط يولد الإنفجار:
*تقول سهيلة. م: ابنتي تبلغ من العمر أربع سنوات، ولكنها عنيدة جدا، وعصبية أيضا، ولا أستطيع التعامل معها، وللأسف هذه الطباع لم تأخذها من أحد غريب، فأنا أملك نفس الصفات، وعندما يفيض بي الكيل أرفع يدي عليها.
*أما نور.ع فتقول: أنا أعيش في الخارج منذ فترة طويلة، ورزقني الله بولدين، ولكني لا أستطيع التعامل معهما، فهما أشقياء جدا، وكلما نهيتهما عن فعل خاطيء يكررانه دون إكتراث بالعقاب الذي سيقع عليهما، ولأني لا أعمل، ودائمة الجلوس معهم، أشعر بأن الضغط النفسي يزداد علي..
[] دائم الكذب:
ابنى دائم الكذب، ودائما ما يختلق قصصا وهمية بأن أحدًا قام بضربه أو سبه، وعندما أتحقق من كلامه، أجده كاذبا، هذا ما ورد على لسان هبه. ط ربة منزل..
وتابعت: حاولت نصحه أكثر من مرة أن هذا الأسلوب خاطئ، ولكن دون جدوى، فلم أجد سبيلًا لجعله يبتعد عن هذه العادة السيئة إلا الضرب.
[] التدخل الإيجابي:
أكد علماء النفس على أن هناك طرقا إيجابية كثيرة تستطيع الأم بها تعليم طفلها كيف يحترم أوامرها، ويسمع كلامها، مثل طريقة الحوار الهادئ معه، أو تعزيز أي سلوك إيجابي يصدر منه، أو قراءة القصص والحكايات المتعلقة بالسلوك الطيب على مسامعه، مع إستخدام الأساليب المتنوعة، والجذابة في توصيل المعلومة اليه، موضحين أن الطفل يستجيب بشكل أفضل للسلوكيات الإيجابية، التي تسرد على شكل قصة تحكى له قبل النوم.
وعليهم مدح سلوكه إذا إستجاب لأوامرهم، لأن هذا سيشعره بإرتياح، ويجعله يقبل على تكرار السلوك الصحيح، ويحجم عن السلوك الخاطئ.
وبينوا انه يجب على الوالدين عدم الإكثار من الأوامر والنواهي، لأنها تعطي دافعا سلبيا يقتل روح المبادرة عند الابن، وعند إستخدام الأوامر، لابد من إعطاء سبب منطقي لإستخدامها.
وأكدوا على أن الجو الأسري القائم على التربية الإيمانية الحقة، التي وجهنا إليها ديننا الحنيف، يجعل الطفل ينشأ نشأة صالحة ويصبح رجلاً نافعاً لدينه ومجتمعه، ونبتة صالحة، حتى يكون شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين.
[] تحذيرات:
وفي المقابل، حذر علماء النفس من إستخدام الشدة والصرامة في التعامل مع أخطاء الأبناء، لأن هذا الأسلوب أخطر ما يكون، إذا إستخدم بكثرة، موضحين أن الحزم مطلوب في المواقف، التي تتطلب ذلك، أما العنف والصرامة، فيزيدان من تعقيد المشكلة وتفاقمها، لأن المربي قد يفقد صوابه، وينسى الحِلْم، وسعة الصدر، فينهال على الطفل معنفا، وشاتما له بأقبح وأقسى الألفاظ، وقد يزداد الأمر سوءاً إذا إقترن العنف والصرامة بالضرب، مما يجعل الإبن يفقد الشعور بالأمان، والثقة بالنفس، فيضطر إلى إحترام المربي مؤقتا، ولا يمنعه هذا من تكرار نفس السلوك الخاطئ في المستقبل، كما أنه قد يمتص إنفعالات المربي فيختزنها، لتظهر آثارها عليه فى المستقبل، فيصاب بمرض العصاب، وقد ينمو عنده شعور باللامبالاة، وكذلك حذر علماء النفس من التدليل الزائد للطفل، لأنه سيجعله غير قادر على تكوين علاقات إجتماعية ناجحة مع الآخرين، أو تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة في المستقبل.
وحذروا أيضا من عدم الثبات في معاملة الطفل، مؤكدين على أن الطفل يحتاج إلى معرفة ماهو متوقع منه، لذلك على الآباء وضع الأنظمة، واللوائح المنطقية، وشرحها للطفل، لأنه إذا أقتنع بها، يكون من السهل عليه إتباعها، ولا يجب أن يتساهلوا يوما ما مع الطفل في تطبيق قانون ما، ثم يعودا في اليوم التالي للتأكيد على ضرورة تطبيق نفس القانون، لأن هذا سيربك الطفل، ويجعله غير قادر على معرفة ما هو مقبول وما هو مرفوض.
وأشاروا إلى أنه في بعض الحالات تكون الأم ثابتة في جميع الأوقات بينما يكون الأب عكس ذلك، وهذا التذبذب والإختلاف بين الأبوين، يجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسي شديد، يدفعه لإرتكاب الخطأ.
وأكدوا على أن عدم العدل بين الأبناء يزرع في نفس الطفل الغيرة من إخوته، فيعبر عن هذا السلوك بالسلوك الخاطئ، والعدوانية تجاه الأخ المدلل.
الكاتب: رشا أحمد.
المصدر: موقع رسالة المرأة.